فصل: فصل في قرانيطس:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.فصل في علاج ثقل الرأس:

ينفع منه الاستفراغ واستعمال الشبيار. وإن كان دموياً فعلاجه بالفصد ثم فصد عرق الجبهة خصوصاً إن كان الثقل إلى خلف وأيضاً فصد عرق الحشا والشريان الذي خلف الأذن وخصوصاً إذا كان الثقل إلى قدام.

.فصل في الصداع المعروف بالبيضة والخودة:

هذا النوع من الصداع يسمّى بيضة وخودة لاشتماله على الرأس كله وهو صداع مشتمل لابث ثابت مزمن وتهيج صعوبته كل ساعة ولأدنى سبب من حركة أو شرب خمر أو تناول مبخر ويهيجه الصوت الشديد وربما هاجه الصوت المتوسط.
حتى أن صاحبه يبغض الصوت والضوء والمخالطة مع الناس ويحب الوحدة والظلمة والراحة والاستلقاء.
ويختلفون فيما يؤذيهم من الأسباب المذكورة فبعضهم يؤذيه شيء من ذلك وبعضهم شيء آخر ويحسّ كل ساعة كأنّ رأسه يطرق بمطرقة أو يجذب جذباً أو يشق شقاً ويتأدى وجعه إلى أصول العين.
وجالينوس يجعل السبب الجالب لهذه العلّة ضعف الدماغ أو شدة حسه.
والسبب المولّد لها خلط رديء أو ورم حار أو بارد.
على أنه كثيراً ما يكون عن ورم سوداوي أو صلب وأكثر ما يكون في وسط الحجاب إما الخارج من القحف وإما الداخل وقد علمت أنه إذا كان السبب ورماً أو غيره إنما هو في الحجاب الداخل في القحف أحس الوجع ممتداً إلى العين لأن ذلك الغشاء يشتمل على العصمة المجوفة ويمتد جزء منه إلى الحدقة.
وإذا كان في الحجاب الخارج أحس الوجع بمسّ اليد وكره صاحبه وقوع المسّ عليه بالعنف.
وأكثر ما يحدث عن أمراض سبقت فضعف جوهر الدماغ وحجبه الداخلة والخارجة حتى صارت تتأذى بالحركات اليسيرة من حركات البدن الغذائية والبخارية والحركات الخارجة ويقبل الفضول المؤذية.
ومن الأطباء من لا يرعى في البيضة هذه الشرائط بل يقول بيضة لكل وجع يشتمل على الرأس كله خارج القحف أو داخلاً كان سببه من بخارات في المعدة أو بخارات في الرأس أو مواد أو فلغموني في نفس الدماغ أو حجبه فيكون مع ثقل وضربان أو حمرة ويكون مع تلهب ولذع بلا كثير ثقل أو عن الأخلاط الأخرى إن لم تكن حمرة وكان ثقل وكان هناك علامات الأخلاط الباردة.
ويعالج كلاً بحسبه إلا أن اسم البيضة في الحقيقة مستعمل عند المهرة من الأطباء على ما هو بالشرائط المذكورة.
العلاج: إن علمت أن دماً كثيراً وأن سببه الأول أو سببه المحرّك هو الدم فصدت.
وأما إن قامت الدلائل على أن الأخلاط باردة وكانت المدة طالت على العلة وكنت قد استعملت في الأول أيضاً ما يرح فاستعمل النطولات بمياه فيها محللات يسيرة مسخنة مع قمع يسير وقبض مثل فقاح الأذخر والبابونج والنعنع وسائر ما علمته في القانون وتدرج إلى القوية واستفرغ بما يليق به.
واستعمال حب الصنوبر بالمصطكى مما هو نافع جداً فيه وتتعهده كل ثلاث ليال ويستعمل القوقايا في استفراغاته إن احتيج إليها وإلى القوي منها ثم يسقى طبيخ الخيار شنبر مع أربعة مثاقيل دهن الخروع.
واعلم أنك إذا استفرغت فقد بقي لك أن تنقتي الدماغ وحجبه بالأشياء التي تقوّيه مما علمته ومن ذلك شمومات المسك والعنبر والكافور أيضاً يخلط بهما وربما خلطوا مع ذلك الصبر ليجمعوا مع التقوية التحليل وألزمه الضمادات الحارة والمخدرة التي علمتها فإذا انحط فاستعمل الحمام والأضمدة القوية وأما ما دام في الابتداء وعلمت أن المواد حارة فدبر بما بين لك وعلمته في قانون تدبير الدماغ وواتر سقيه لبّ الخيار شنبر مع دهن اللوز أياماً واعلم أن البيضة إذا طالت فقد استحالت إلى مزاج البرد وإن كان عن سبب حار.
واعلم أن البيضة المزمنة لا يقلعها إلا ما هو قوي التحليل والإسخان وقد ينفعهم أن يسعطوا بأقراص الكوكب وشيليثا ودواء المسك وما يجري مجراها يداف أي ذلك كان في لبن مرضعة جارية وخصوصاً عند اشتداد الوجع وغلبة السهر.
وأما الكي وفصد الشرايين وقطعها وعرق الجبهة في البيضة فعلى ما كان في الصداع العتيق.
وأما الغذاء فما لا يخبر كما علمت حتى العدس بدهن اللوز للحار وكذلك مرق البقول ولا بأس أن تغذي المبرود منهم بمثل ذلك بسبب قلة بخاره.
وأما الأطلية فيجب أن تمال تارة إلى ما يخدر مليلاً ويكون الغرض الأعظم التحليل ومن هذه الأطلية أفيون ودم الأخوين وزعفران وصمغ يطلى به من الصدغ إلى الصدغ عند الضرورة المحوجة إلى التخدير ومنها الزعفران والعفص وأقراص الكوكب فإن ذلك إذا طلي به جميع الجبهة كان نافعاً وارجع إلى الأقرباذين وإلى ألواح الأدوية المفردة.

.فصل في الشقيقة:

فنقول هي وجع في أحد جانبي الرأس يهيج ويحدها جالينوس بأنها الساترة المتوسطة وربما كان سببه من داخل القحف وربما كان في الغشاء المجلِّل للقحف وأكثر ما يكون يكون في عضل الصدغ وما كان خارجاً فقد يبلغ إلى أن لا يحتمل المس وتكون المواد واصلة إلى موضعه إما من الأوردة والشرايين الخارجة وإما من الدماغ نفسه وحجبه فيصعد أكثر ذلك من طريق الدروز وقد يكون من بخارات تندفع من البدن كله أو عضو من ذلك الشق.
وأكثر ما تكون الشقيقة تكون ذات أدوار وإنما تكون على الأغلب عن الأخلاط ولا تكون شقيقة لها قدر من سوء مزاج مفرد.
والتي تكون من الأخلاط فقد تكون من أخلاط حارة ومن أخلاط باردة ومن رياح وبخارات.
وقد علمت العلامات وتجد مع البارد سكوناً بالتسخين وتمدداً قريباً ومع الحار سخونة بالملمس وضرباناً في الأصداغ وراحة بالمبردات وأيضاً فإن البارد يحسّ معه ببرد والحار يحس معه بحر وذلك عند اشتداد الوجع.
العلاج: علاجها الفصد على نحو ما علمت في البيضة وغيرها وخصوصاً عرق الجبهة والصدغ والإسهال والحقن والجذب كل بحسبه على ما حد لك في القانون.
ومما ينفع الحارة نقيع الصبر في ماء الهندبا المذكور في الأقراباذين.
والشربة منه ما بين أوقية إلى ست أواق وينفع فيها فصد الجبهة وفصد عرق الأنف جداً وإذا كان دوراً فيجب أن ينقّى البدن قبله ويبدل المزاج بعد التنقية فإن كانت المادة حارة جعلت المخدرات على الصدغين من الأفيون وقشور أصل اللفاح والشب والبنج والكافور وبردت الموضع بما تدري مما ذكر في القانون وقد ينتفعون بمداد الكتاب يطلى به الشق الذي فيه الشقيقة ومن أطلية جباه أصحاب الشقيقة الزعفران وينتفعون بضماد متّخذ من سذاب ونعنع بخبز ودهن ورد وكذلك الطلاء بأقراص بولس المذكورة في الأقراباذين وكذلك استعمال ضمّاد حب الغار وورق السذاب جزء جزء خردل نصف جزء يجمع بالماء ويستعمل.
وأبلغ منه قيروطي متّخذ من الذراريح حتى ينفط الموضع أو من ثافثيا وهو مقرّح يحاكي منفعة الكيّ وإن كانت المادة الباردة شديدة البرد جدا ضمدت بفربيون وخردل وعاقر قرحا وما أشبه ذلك.
وأما المزمن الذي طالبت مدته فهو بارد على كل حال ويحتاج إلى التحليل وإلى ما يسخّن بقوة.
وقد ذكرنا أطلية ونطولات مشتركة وخاصة بالشقيقة في الأقراباذين فيستعمل ذلك لماذا استعملت الأطلية وكنت قد استفرغت البدن ونقيته فتقدّم بتمريخ عضل الصدغ في جهة الوجع بأصابعك وبمنديل خشن عند وقت الدور ثم اطلِ وإذا احتجت إلى التخدير واشتدّ الوجع الضرباني فقد ينفع أن يطلى على الشريان في الصدغ الذي يلي الموضع بأفيون مع الأنزروت والقوابض وأن يشدّ الآنك أو خشبة مهندمة عليه لتمنع من النبض القوي المحدث للوجع الضرباني كما قد بيناه فيما سلف من القانون في الكي.
وقد ذكر بعض المتقدّمين علاجاً للشقيقة المزمنة مجرباً نافعاً مأخوذاً من امرأة وذلك أن يطبخ أصول قثاء الحمار وأفسنتين في ماء وزيت حتى يتهربا ثم تنطل شقّ الألم بالماء والزيت حارين وتضمّد بالثقل وكان كما استعمل هذا أبرأ الشقيقة كانت بحمّى أو بغير حمى وليس من الأضمدة كضمّاد الخردل وإذا طالت العلة ضمّدت بثافسيا وقشور أصل الكبر والعنصل والفربيون مسحوقة منخولة معجونة بشراب ريحاني فإنه علاج عظيم النفع منها.
ومما ينتفعون به أن يتبدئوا فيدخلوا الحمام ويكثروا الإكباب على الماء الحار ثم يسعطوا بدهن الفستق فإن ذلك يخدر الوجع إلى الكتفين من ساعته والتقط النسخ المكتوبة في الأقراباذين والمفردات الموردة في ألواح الأدوية المفردة.

.المقالة الثالثة: أورام الرأس وتفرق اتصالاته:

.فصل في قرانيطس:

وهو السرسام الحار: يقال قرانيطس للورم الحار في حجاب الدماغ الرقيق أو الغليظ دون جرمه وإن كان جرمه قد يعرض له ورم وليس كما ظنّ بعض المتطبّبين أن الدماغ لا يرم بنفسه محتجاً بأن ما كأن ليّناً كالدماغ أو طلباً كالعظام فإنه لا يتمدّد.
وما لا يتمدّد فإنه لا يرم فإن هذا الكلام خطأ وذلك لأن اللين اللزج يتمدّد والعظام أيضاً ترم.
وقد أقرّ به جالينوس وسنبيّن القول فيه في باب الأسنان بل نقول أن كل ما يتغذي فإنه يتمدد ويزداد بالغذاء وكذلك يجوز أن يتمدد ويزداد بالفضل وذلك هو الورم ولكنه وإن كان الدماغ قد يتورّم فإن قرانيطس والسرسام اسم مخصوص بورم حجاب الدماغ إذا كان حاراً وإن كان في بعض المواض قد أُطلق أيضاً على ورم جوهر الدماغ وهو الاستعمال الخاص لهذا الاسم إلا أنه منقول من اسم العرض الذي يلزمه وهو الهذيان واختلاط العقل مع حرارة محرقة فالاسم العاميّ واقع على هذا العرض والصناعيّ على هذا الورم.
وهذا النقل شبيه بنقل اسم العرض وهو النسيان إلى مرض يوجبه ويقتضيه وهو السرسام البارد وإذا استعمل السرسام بالاستعمال العاميّ دخل فيه السرسام الدماغي وهو هذا.
ومن الناس ممن لا يعرف اللغات يحسب أن البرسام اسم لهذا الورم وأن السرسام أخفّ منه وليس ذلك بشيء فإن البرسام هو فارسي والبرّ هو الصدر والسام هو الورم والسرسام أيضاً فارسي والسر هو الرأس والسام هو الورم والمرض والسرسام الكائن في الحميات والكائن لأخلاط في فِم المعدة محرقة والذي ربما كان لأورام في نواحي الرأس خارجة أو في الغشاء الخارج.
والسرسام الكائن مع البرسام وهو الذي يكون بمشاركة الحجاب وأورامه وسائر عضلات الصدر والكائن في ورم المثانة والرحم والمعدة.
والاشتراك الواقع في هذا الاسم تختلف أوصاف المصنفين له كما تختلف أوصاف المصنّفين لليثرغس الذي هو السرسام البارد الذي يسمى النسيان لكن السرسام الحقيقي بحسب الاستعمال الصناعي هو ما قلناه وربما ورم معه جوهر الدماغ أيضاً مشاركة أو انتقالاً وذلك شديد الرداءة يقتل في الرابع فإن جاوزه نجا وأكثر من يموت بالسرسام يموت لآفة في النفس.
ولهذا الورم مواضع مختلفة بحسب أجزاء الدماغ المختلفة وربما اشترك فيه جزءان أو عمّ المواضع كلها.
وأكثر ما يكون إنما يستقر عموده إلى ما يلي التجويف المقدم وإلى الأوسط ومبدأه دم أو صفراء صحيحة أو حمراء صحيحة أو محرقة ضاربة إلى السوداء وهو رديء جداً وكأنه ليس يكون في الأكثر إلا عن دم مراري دون الدم النقي أو عن صفراء وكأنه لا ينقضي إلا بعرق أو رعاف وكثيراً ما يرم الحجاب والعروق التي تخرج من الرأس حتى تكاد تتفتّح الشؤون معه.
وما كان منه اختلاط عقل مركب من بكاء وضحك ساعة بعد أخرى فهو رديء وكذلك إذا كان انتقالاً من ذات الرئة لأنه يدلِّ على شدة حرارة الخلط وكذلك لو انتقل إلى غير الحقيقي وإذا كان عرض أن دام الثقل في نواحي الرأس والرئة ثم عرض تشنّج وقيء زنجاري مات العليل في ساعته وأطول مهلته يوم أو يومان إن كانت القوة قوية وأرجى أصناف قرانيطس أن يذكر العليل ما كان يهذي به بعد خفّ حمّاه وإذا عرض لهم هموريذوس كان دليلاً محموداً وإذا شخص المبرسم فتقيأ مراراً أحمر وهو ضعيف فإنه يموت في يومه أو قوي فبعد يومين.
وما رؤي أحد به ورم في نواحي الدماغ يكون بوله مائياً فيخلص وكثيراً ما ينحل قرانيطس بالبواسير إذا سالت وقد يبرد وينتقل إلى ليثرغس وربما تخلّص عنه فأوقع في دق أو جنون وكثيراً ما ينتقل غير الحقيقي إلى الحقيقي وقلما يتخلص المشايخ من علة قرانيطس.
وقد زعم بعض المتطببين أنه ربما عرض مرض شبيه بقرانيطس من غير حمّى وكونه من غير حمّى دليل على خلوّه من الورم.
قال: لكنه يكون شديد القلق والتوثّب لا يملك صاحبه قراراً ويكاد يتسلّق الحيطان ويشتد ضجره وغمه عطشه وضيق نفسه وإذا شرب الماء شرق به وقذفه قيل: وهو قاتل من يومه في الأكثر وربما امتدّ إلى أربعة أيام ولن ينجو منه أحد بل يعرض لهم أن يسوّد وجوههم وألسنتهم وتكون أعينهم جامدة وحالتهم كحالة الملهوفين ثم تلين حركاتهم ويسقط نبضهم ويموتون وأكثر موتهم بالاختناق وتراه يعدو ثم تراه إثر ذلك قد سقط ومات.
أقول: لا يبعد أن يكون السبب في ذلك مشاركة من الدماغ لعضو آخر كريم مثل عضل النفس إذا عرض له تشنّج عظيم أو فساد آخر ينحو نحو الخناق ويتأدّى إلى الدماغ فيشوّشه ويفسده ويخلط العقل ويعطش بتجفيف نواحي الحلق والصدر.
أما علاماته المشتركة لأصنافه الحقيقية فحمى لازمة يابسة تشتدّ في الظهائر على الأكثر وهذيان يفرط تارة وينقطع أخرى كراهة للكلام وكسلاً عنه ويختلط العقل وأكثره بقرب الرابع وعبث الأطراف ونفس مضطرب غير منتظم ولكنه عظيم وامتداد من الشراسيف إلى فوق كثيراً واختلاج أعضاء معه وقبله ينذر به وربما كان معه نوم مضطرب ينتبهون عنه فيصيحون وتارة ينامون وتارة يسهرون ويكون في الأكثر نومهم مضطرباً مشوّشاً مع خيالات وأحلام فاسدة هائلة وانتباه مشوّس مع صياح ويكون هناك وقاحة وجسارة وغضب فوق المعهود ويبغضون الشعاع ويعرضون عنه وتضطرب ألسنتهم اضطراباً شديداً وتخشن ويعضون عليها وربما ورمت.
وكثيراً ما ينقطع صوتهم ويشتهون الماء فيشربون منه قليلاً لا يكثرون وليس أيضاً شهوتهم له كثيرة.
وكثيراً ما تبرد أطرافهم من غير برد من خارج يوجبه.
وأما أبوالهم فتكون مائلة إلى الرقّة واللطافة وأما نبضهم فيكون صلباً بسبب كون الورم في عضو عصبي صعب لصلابة العرق وضعف القوة مضغوطاً للمادة في نبضهم قوة ما إلا أن يقاربوا الخطر لأن اليبس يجمع ويشد.
ويكون آخر الانقباض وأول الانبساط أسرع ولا تخلو منشاريته عن موجية ما لأن الدماغ جوهر رطب.
وقد يعرض لنبضهم أن يعرض مراراً أو يعظم للحاجة وأن يتواتر وأن يختلف في أجزاء الوضع ويرتعش وذلك مما ينذر بغشي اللهم إلا أن يكون جنساً من الاختلاف والارتعاش والارتعاد توجبه صلابة العرق وقوة القوة فلا ينفر به.
وقد يعرض للنبض منهم أن يكون تشنجياً فينذر بتشنّج.
وإذا رأيت علامات أمراض حادة وحميات صعبة واعتقلت الطبيعة فإن ذلك ينذر بسرسام وكأنه من المنذرات القوية ويتقدّم قرانيطس نسيان للشيء القريب وحرن بلا علّة وأحلام رديئة وصداع كثير وثقل وامتلاء ويتقدمه في الأكثر صفار الوجه وسهر طويل ونوم مضطرب.
وتشتدّ هذه الأعراض ما دامت المواد تتوجه إلى الدماغ وتدور في عروقه وتترقرق.
وإذا قربوا منه وتشرب الدماغ المادة وجدوا ابتداء وجع من خلف الرأس عند القفا وخصوصاً في الصفراوي.
وإذا وقعوا فيها وورم الدماغ تيبّست أولاً أعينهم يبساً شديداً ثم أخذت تدمع وخصوصاً من إحدى العينين ورمصت وكثيراً ما يعرض أن تحمر عروقها حمرة شديدة وربما عقبه قطرات دم من الأنف وكثيراً ما يدلكون أعينهم ومالوا إلى سكون وهدوّ في أكثر البدن إلا في اليدين فإنه ربما يعبث بهما ويلقط التبن والزئبر.
وقد يكون ذلك في الأكثر مع تغميض وقد يكون مع تحديق وضجر وربما كسلوا عن الكلام الفصيح لا يزيدون على تحريك اللسان وربما حدث بهم تقطير بول بمعرفة منهم أو بغير معرفة.
وهو في الحميات من الدلالات القوية على السرسام الحاضر ويغفلون عن الآلام إن كانت بهم في أعضائهم بل لو مس شيء من أعضائهم الألمة بعنف لم يشعروا به.
ونزيد فنقول: إذا وقع الورم في الجانب المقدم أفسد التخيل فأخذوا يلقطون الزئبر من الثياب والتبن وما أشبهه من الحيطان وتخيلوا أشباحاً لا وجود لها.
وإن كان إلى الوسط أفسد الفكر فخلط فيما يعلمه ويلفظ الهذيان الكثير وإذا وقع إلى ما يلي خلف نسي ما يراه ويفعله في الحال حتى أنه ربما دعا بالشيء فيقدم إليه فلا يذكر أنه طلبه وربما دعا بالطشت ليبول فيه فيقدّم إليه فينساه وإن اشتمل الورم على الجهات كلها ظهرت هذه العلامات كلها وإن تورّم معه الدماغ إحمرّ الوجه والعين وجحظت العينان جحوظاً شديداً أو احمرتا إن كانت المادة المورمة دماً واصفرتا إن كانت المادة المورمة صفراء صرفاً.
وأما الكائن من الاختلاط بالمشاركة فيدلّ عليه وقوعها دفعة وتابعاً لسوء حال عضو آخر ونائباً مع نوائب اشتداد ينقص لنقصان في حال غيره وتزيد بزيادتها.
والكائن عن السرسام الدماغي يحدث قليلاً قليلاً ويلزم.
وعلامات السرسام الحقيقي تتقدّم ثم يعرض المرض وأما غير الحقيقي فتتقدّمه أمراض أعضاء أخرى ثم تظهر علاماته.
وأما الكائن من جهة الحجاب الحاجز وعضلات الصدر فتتقدّمه علامات السرسام وذات الجنب من وجع ناخس في الجنب عند التنفّس وضيق نفس ونبض منشاري وسعال يابس أولاً ثم يرطب في الأكثر وينفث ويكون مع حمّى لازمة أكثر حرارتها في نواحي الصدر وفي الحقيقي في نواحي الرأس ويكثر فيه تمدد الشراسيف إلى فوق ويختصّ به حسّ وجع فوق الجمجمة غير شامل ولا تكون العلامات المذكورة فيما سلف قوية كثيرة ونفسه يكون مختلفاً يضعف مرة فيتواتر ويعظم أخرى ويكون ميله إلى الصغر والضعف أكثر ويكون مرة كالزفرة.
وأما في قرانيطس الحقّ فيكون النفس أعظم بل عظيماً ويشترك السرسامان في قوة الاختلاط ولكن يفارق السرسام التابع للسرسام الحقّ بأنها تتبع في قوتها قوة الحمى وتخفا معه خفة الحمى.
وأما الكائن لخلط في فم المعدة فإنه يحسّ معه بلذع في فم المعدة وغثيان وعطش ومرارة فم.
والكائن بسبب أورام أعضاء أخرى فيعلم ما يظهر من أحوالها فإنها ما لم تكن ظاهرة جلية لم تؤد إلى اختلاط العقل والسرسام البين ليعلم ذلك.